الثلاثاء، 6 يناير 2015

رائحة غريبة

عادت تهمس فى أذنى ثانية
متى سنتزوج
فاحتضن ما تبقى منها وأنفث دخانى فى الهواء
وتكرر سؤالها فأتردد قليلا قبل أن أخبرها بردى المعتاد محاولا تغيير ترتيب جمله
عله يقنعها الآن
فتستطرد متسائلة عن سبب تنهداتى وعن صحة أولادى
تشعل سيجارة أخرى وتقوم لتعد لنا كوبين من الشاى
وتدخل لتغتسل
المج الأزرق بتاعك
أجلس ملفوف حتى الوسط بتلك الملائة البيضاء أدخن وأتلمس حرارة كوب الشاى
وأغمض عينى
مش هتاخدلك دش
لم تعد الأشياء التى نبتت بداخلى منذ أن رأيتها ثابتة كما هى
حتى رائحتى أصبحت لا أطيقها برغم ما نثرته من عطرها حولنا
وخرجت تقص على يومها وما تنوى فعله غدا وبعد غدا
حتى كلماتها تحولت هى الأخرى
ودونما إهتمام أذهب لأغتسل
ولا تبتعد عنى تلك الرائحة التى لم أستنشقها وانا معها من قبل
تدلف إلى الحمام خلفى فيقشعر جسدى للمسة يدها وهى تدلك لى كتفى
أنت مش تمام على فكره فيك حاجه متغيره
القشعريرة التى سلات جسدى لم تفارقنى حتى وأنا أرتدى ملابسى
تستأذن لتنصرف
فتنصرف
أجلس أمام المرآة أرتدى ملابسى فأستنشق ذات الرائحة ثانية
فأعود إلى الحمام
لأغتسل ثانية

مارجريتا بالجمبرى

باب اللوق
شاع منصور
كافتيريا العجمى بجوار كشرى أشرف الهندى
أمام نادى الطهاة
1990

عبد المنعم أحد الشخصيات المعروفة فى شارع منصور
بل يبدو أشهرهم على الإطلاق ربما لأنه يقطن فى نفس الشارع ولأن
معظم من بالمنطقة جاءوا للعمل فقط من أنحاء القاهرة
وربما فشله فى نطق حرف الراء جعله من المميزين
الليلة وطبيعه عملى الليلى فى كافيتريا العجمى تقتضى مقابلتى لعبد المنعم
الذى هو من الشخصيات الليلية
جاء كعادته ليلقى التحية ويقص ما حدث بالأمس

أشرف الهندى والبت سماح
عبد الرحمن الزفر والبت أمنية
عماد بجعه والبت سارة
والحاج محمود العجمى إللى أنت شغال معاه ده أبن وأبن

ويسطرد قائلا
ماتيجى تلعب معانا كورة ف الحكر


منطقة الحكر بجوار قصر عابدين
وعلى حد قول عبد المنعم
العيال بتوع الحكر دول صيع ولاد كلب يسرقوا الكحل م العين
هنلعب أزاى يا منعم والدورية
يابنى الدورية بتلعب معانا وبنقفل الطريق بعربية الأمين سامح
مش هاينفع يا منعم أسيب المطعم لوحده

طب ما تيجى معايا لحد بيتزا إللى عند الجامعة الأمريكية نجيب بيتزا مش هناخد دقيقة
ماشى يا منعم بس أدينى عشر دقايق همسح الأرضية
طيب وأنا هروح أجيب سجاير م الكشك

البرد القارس والماء البارد إجتمعا ليلا لقتلى
المطعم ليس بكبير فهو شق صغير فى سور السينما القديمة بشارع منصور
وكما يقول الحاج محمود العجمى
الشارع ده مات من زمان من يوم ما لغو المترو
لم يكن عملى الليلي فى هذا المكان وهذا البعد الغريب عن قريتا مايرهقنى
حتى وإن كنت أعمل من العاشرة مساء حتى السادسة صباحا ثم أذهب مباشرة إلى الجامعة
كل ذلك لا يعنى لى شيئا فلم يكن العمل مرهقا وكنت مضطرا لجمع المال لأقتات يومى انا وأسرتى
ولكن تنظيف الأرضية متعب للغاية حتى لا يوبخنى الحاج محمود ف الصباح

ها يا معلم ياللا
طب ما تروح أنت يا منعم
ياعم تعالى بس
أصلى عمرى ما دخلت بيتزا هت قبل كده
يا سيدى تعالى بس هما كلمتين هتقولهم وبعدين أصل أنا متخانق مع الواد الكاشير إللى جوه
طب هاقول أيه
هانجيب بيتزا مارجريتا بالجمبرى حلوة قوى
علمت ساعتها أن عبد المنعم خاف أن يدخل بنفسه نظرا لإحتواء الكلمة على تكرار كثير لحرف الراء

منعم قولى هدخل أقول أيه بالظبط أنا خايف
هههه يابنى هوه أمتحان بص هوه هيسألك سؤالين هيقولك تطلب بيتزا أيه
هتقوله مارجريتا
هيقولك عاوز إضافات أيه
هتقوله جمبرى
صعبه دى سهله خالص

ذهبت مترددا أحفظ فى الإجابتين
وعندما دخلت أدفع الرجل يسألنى فجاوبته وسط الزحام بنفس الإندفاع

- حضرتك تحب بيتزا أيه
مارجريتا
أسم حضرتك أيه
جمبرى
نعم .. أسم حضرتك جمبرى
لالالا
حضرتك تقصد الإضافات
آه

خرجت أهرول لمنعم وأسب وألعن وأقص عليه ما حدث
فيضحك ويضحك ويمرمغ نفسه ف الأرض ويضحك
جمبرى هههههههه
جمبرى هههههههههههههه

إلى أين أنت ذاهب

أجمع أوراقى القديمة
فلم يعد لدى منذ ستة أشهر
ما أخشى عليه الضياع
مما كتبت
ربما كانت كتاباتى الأخيرة عنك
لا تعنى لهم كثير
وإن عنت لى الحياة
كمنجتى التى لم أشتريها
أكتفيت بأخذ صورتها
وبعضا من أشيائك التى تحبينها
كلها حملتها معى
أقتظت مكتبتى بما كتبه الآخرون
ولم تحتمل رفوفها كتاب آخر
حتى وإن كان لى
الشنطة معده الآن
أنتظر قليلا لعلى أتذكر
شيئا آخر ربما لم آخذه معى
فلا أتذكر
بعض صورى الحديثة وقد وقعت أسفل حذائى
أميل لألتقطها
ثم أمزقها
هل هناك شئ آخر
حان الوقت
أشرع ف الذهاب
فيوقفنى ذلك التابلوه
الذى رسمته بالأمس
لصورتك وأنت تجلسين
على حافة النهر
قلت إنه لم يكتمل بعد
ولكنى أصررت على أن آخذه
قد مال قليلا
أقترب منه لأزيل ما عليه من أتربه
فتلتفت صورتك منه لتسألنى
إلى أين أنت ذاهب ؟
تتسمر عيناى قليلا
ثم ألقى بشنطة السفر
ليسقط منها كل ما كتبته
طيلة الأعوام السابقة

أطفأ الأنوار
وانام

لم أعد كما كنت بالأمس

لا أعلم ماذا يحدث لى هذه الأيام
أرانى أعود للخلف فجأة وأبحث عن مستقبل
لن يأتى
أتعلق ببعض التفاصيل
أبحث ما بين السطور
عن لا شئ
وأى شئ
أخفى داخلى كثيرا من الأسرار
فيصعب على نفسى تذكرها
لم أعد كما كنت بالأمس
مللت الإنتظار
فما أنتظرة لا يأتى
ربما كان مستحيلا كالعودة للماضى أو السفر للمستقبل
لم أعد أحلم بالرجوع
طعم الأشياء تغير كثيرا
ربما زادت مرارته وربما لأننى خفضت حبات السكر بقهوتى
البيت الذى بناه أبى لازل يقبع بمكانه يرتكن إلى البنايات المجاورة
شجرة أبى التى أعتاد تجبيسها حتى لا يتلفها الصغار توقف نموها
عندما صدمتها بالأمس سيارة قضت عليها
مات أبى
تاركا خلفة سيرة لا تختلف عليها الأنفس
الفارنده صارت ضيقه بعد أن تكدست بكتبى القديمة
وباقى الزروع الراحلة منذ عدة أعوام
ولازالت أمى تضع صورة أبى أمامها ليلا وكل ليل
لتقص عليها يومها
هى أيضا ملت الأنتظار
بالأمس كانت تخيط لنا ملابس العيد وأبى يجلس
ورسمت على شفاهة بسمة أتذكرها الآن
بيجامتى البيضاء المزرقشة وقد أنتهت منها بعد أن قام
أخى بإرتداء بيجامته الكبيرة
ثم نقف لنرى أيا منا أكثر طولا
يبتسم أبى ويرجونا أن نظل ثابتين لإلتقاط الصورة
التى لم يظهر بها سوى ماكينة أمى وأنا ونصف أخى
ويم الجمعة نلتف حول مائدة الإفطار
نستمع لأبلة فضيلة ثم نشاهد عفاف الهلاوى فى سينما الأطفال
تطل من شاشتة السوداء
ثم نذهب لنصلى مع أبى وبعدها لزيارة الأقارب
حتى جمعتى الآن أختلفت
فأنا أستيقظ بعد صلاة الجمعه لأذهب
هناك حيث أعتدت الجلوس بين الأضرحة فقط
أستمع لصوت العصافير
بعد أن غادر الصوت مسكنى إلى هناك
حتى بقايا الذكرى لم تعد مدهشة كما كانت
حقيقة
أنا لا أعلم ماذا يحدث لى
ولا أعلم حتى لماذا سطرت هذه الكلمات
فقط ما أعلمه أننى
لم أعد كما كنت بالأمس
تمت

آخر بنت من بنات أفكارى

طرقت الباب بعنف فلم يفتح
توترت حتى أرتجفت أطرافى ولم أعد أسطيع الصمود
كررتها كثيرا بطرقات أقوى ولا أحد يرد
أضرب الباب بعنف فينكسر ليفقا عينا مشهدها وهى ملقاة كهيكل اكلته السباع
تركها وحيدة بعد أن مزق ملابسها وتناوب الإعتداء عليها
لوثها بقاذوراته هو ومن معة
أفقدوها عذريتها ونقائها
قتلوا كل ما بداخلها من براءة
ولم يكتفوا بذلك
بل مثلوا بها جزءً جزءً
قطعوها
ولم يرحموا ضعفها
ألوم نفسى لأنهم سبقونى
وكيف أقتحموا المكان فوجدوها فريسه سهله
لم أتخيل يوما أن يمسها غيرى
فكيف إن ضاجعوها حتى النزيف
فكيف وأنهم لم يتركوا لى شيئا أقف عنده
حتى لأذكرها
أغتصبوها حتى الثمالة
حتى الموت
وليتهم تركوها بكرا
ليتهم أخفوا بقاياها
ولكنهم تركوها
لكى أتحسر عليها
ولا أستطيع أن
أحيا
فإنهم يعلمون جيدا
أننى لا أستطيع العيش دونها

أعرفهم جيدا نعم
كلهم
جميعهم
جميع كل من حولى
فعلوها
ولكن
ترى
هل أستطيع مواجهتهم
هل أستطيع أن أضاجعهم حتى القتل
لكن
هل كانوا يعلمون انها آخر ما أملك
ربما كل ما أملك
وما الفارق
...............
أرتدى بزتى السوداء
أنتظر هناك حيث كنا نتقابل
أحمل لافته
كتبت عليها
لا عذاء للبشر

لا تتركينى وحدى

لماذا أقلعتى عن مناجاتى ليلا
ولمن تركتنى
ألازلت
تسيرين
حافيه القدمين
تتلمسين البرودة
تضعين خدك الأيمن
ليلامس الأرض المبلله
بماء وردك
هل مازلت تبحثين عنى
فى بقاياك القديمة
أختفت صورتى من ألبوم صورك الكبير
إثر سقوطه ف الماء
لا تصدقيهم فأنا لم أمزق صورتنا
بل كنت أسقيها بالماء لكى تنمو
ولكنها
لم
تنمو
لا زلت أحلم بأن أجدنى
هناك
بمفردى
ولماذا تلوميننى
لأنى فضلت أن أكون
وحدى
فبستطاعتك
أن
لا تتركينى
وحدى

803

اتوبيس 803 الذى يبدأ مسارة
من العمرانية منتهيا إلى حدائق القبة
غدا فى السادسة والنصف صباحا
عند محطة العمرانية
سأستقل الأتوبيس لأركب فى أول كرسى
وأنتظرك فلا تتأخرى فهو يتحرك فى السابعة إلا الربع
لا تخافى فهو وفى هذه الساعة بالتحديد يخلو من الركاب
قولى لهم أنك ستذهبين لأخذ حصة الإحصاء لدى مدرسك الخصوصى
ثم ستذهبين للمدرسة
سأجلس وكأننى لا أعرفك
من الممكن أن تركبى بجوارى فلن يلتفت أحد لذلك
ولن يتواجد بالأتوبيس إلا السائق والكمثارى ورجل عجوز يجلس
بمقعده المعتاد خلف السائق
ستجلسين بجوارى من الممكن أن ترتدى نظارتك البنية
يكفينى أن أتلمسك وأنت تجلسين
لا تخافى فلن يرانى أحد وأن أمسك بيدك
فقد جلس الكمثارى بجوار السائق
وأخذ العجوز يتأمل الشارع والسيارات المقابله
وبروده الجو تظهر على ساقيك المرتعشة وأقترب منك أكثر
ستبكين لمعرفة سفرى المفاجئ بعد غد
سأمسح دموعك بيدى وأهمس بأذنك
خشية أن يلاحظها العجوز
سأخبرك أنى سأعود سريعا ربما الأسبوع القادم
ولم أستطع ان أقنع والدى بعدم السفر لبلدتنا
ولكنه أسبوع فقط
سأهمس فى أذنك بآخر نكته فتضحكين
وكعادتك وبرقتك تقولين ..
بطل قلة أدب
ستلصقين ظهرك بشباك الأتوبيس كى لا يراك أحد
فيتطاير شعرك للخارج متراقصا برقه وعنف
سأتسائل عن يومك الماضى
ستخبريننى بأنك أنهيت علاقتك بصديقتك بسببى
لأنها لا تريدنا أن نقترب أكثر
ولشكك فى أنها تحبنى
كلنا نحب القمر
وستضحكين
سنقول فى نفس الوقت
شششش العجوز يسمعنا
ونضحك

................................................
الآن بمفردى أستقل أتوبيس 803 أجلس بالمقعد
الخاص بى خلف السائق
والكمثارى يجلس بجوار السائق
أنظر للمقعد الزوجى الخالى بجانبى
وأبتسم
........

تمت